10/06/2016 - 13:15

رسالة إلى الشباب

يبدو أن أهم نتيجة عملية تعكس تيارات جوفية عميقة خرج بها المؤتمر السابع للتجمع الوطني الديموقراطي، هي إرادة التغيير والتجدد الشبابية.

رسالة إلى الشباب

يبدو أن أهم نتيجة عملية تعكس تيارات جوفية عميقة خرج بها المؤتمر السابع للتجمع الوطني الديموقراطي، هي إرادة التغيير والتجدد الشبابية. في الوقت نفسه، لا أقلل أبدا من أهمية التمثيل النسائي التي تحققت دون الحاجة إلى التحصين النسائي الدستوري. نعم لقد حدث ما يشبه الطوفان الذي أتى لمركز القيادة ودائرة اتخاذ القرار، بمجموعة تعد أكثر من ١٦ شابا وشابة، ممّن يمكن القول بكل ثقة إنهم جيل نشأ وتربى وترعرع في التجمع، هويته تجمعية وبوصلته مشروع التجمع والمصلحة الوطنية. إنهم من قادوا لسنوات اتحاد الشباب الوطني الديقمراطي والتجمع الطلابي الديمقراطي والحراكات الشبابية القطرية، ونزلوا للشوارع لوقف قانون برافر وللتصدي للحرب العدوانية الغاشمة على غزة، ودفع عدد منهم ثمن ذلك غاليا. 

في مثل كل عاصفة، تحدث أضرار وهناك نتائج غير محسوبة بل وسلبية، وفعلا فقد كان ضحية هذه الرغبة الجامحة في التغيير والتجدد رفاق قياديين تاريخيين ومناضلين حقيقيين، لم يدخلوا اللجنة المركزية، بل ومنهم من يستحق أن يكون في المكتب السياسي، وهذا يعني للوهلة الأولى خسارة قيادات مجربة ذات رصيد سياسي واجتماعي. ومن الممكن تفهّم مرارة البعض فعلا، بأن بعض هؤلاء يملكون من التجربة والكفاءة أكثر بكثير من بعض الأعضاء المنتخبين، ولكن هذه قواعد ما يحدث  في أي عملية تغيير واستبدال في أي حزب أو منظمة جماهيرية تؤمن بالعملية الديمقراطية بحقّ. 

إذًا، هل في المجمل كان انتصار إرادة التغيير والتجدد هدفا ذاتيا أم انطلاقة وخروج لطريق جديد؟ أولا، لنبدأ بالتأكيد أن ما حدث هو الخيار الطبيعي، والمفهوم ضمنا، في حزب تحول فعلا لا وهما إلى حزب الشباب وحزب المستقبل. إذ لا يمكن أن يكون هناك حزب من ناحية واقعية وفعلية، جاذب للشباب، ويكرس كل هذه الجهود والمصادر لبناء اتحاد الشباب والحركة الطلابية ويربيها على العنفوان والثقة بالنفس، ويجذر فيها روح الاعتزاز القومي، والثقة بالنفس والسعي للنجاح والتميز، ثم لا ينتظر أن تقوم هذه الأجيال الشابة بأخذ مواقعها في صفوف القيادة واتخاذ القرار. إنه هو مصدر فخر واعتزاز ورضى أن يتم هذا بطريقة ديموقراطية، وفي مؤتمر عادي بعيدا عن بذور الشقاق أو مساعٍ انقلابية، حتى لو كان هناك الكثير من الشوائب، خاصة في عدم القضاء على والتخلص من بعض المظاهر الاصطفافية وبعض الصفقات، ومن المرارة الشخصية لدى من لم يفز وكان جديرا بذلك.

 لنرى الصورة بمجملها: لقد أرسل المؤتمر رسالة قوية داخلية وخارجية جلجلت حتى الإعلام العبري: التغيير والتجدد هو عنوان المرحلة المقبلة في التيار القومي الديمقراطي، ولهذا فمن الطبيعي والمنتظر أن ينعكس هذا على تركيبة المكتب السياسي القادم، وعلى اختيار كل المناصب القيادية في الحزب. دور المجموعة الشابة التي نالت ثقة المؤتمر - وهي تضم في بنظري مجموعة من الشباب الذين كانوا في الدورة الماضية أعضاء في اللجنة المركزية السابقة- أن تكون أمينة لإرادة المؤتمر، وأن تحطم أية ولاءات أو حسابات غير تلك التي تصب في اتجاه ترجمة إرادة المؤتمر بالتغيير والتجديد والانطلاق. فهؤلاء هم الأمل في التخلص من ممارسات وسلوكيات تنظيمية وإدارية وأدائية تنتمي للماضي، وهم الأمل للانطلاق ولتثبيت ما أراده المؤتمر من إحداث طفرة في العمل والأداء، وهذه لن تحدث إلا بوسائل جديدة وعصرية وبأيدي عناصر شابة وقديرة. 

لم يكن مفهوم ضمنا أن يعقد المؤتمر السابع بعد تأجيله عدة مرات، ولم يكن مفهوم ضمنا أبدا أن يتم ضبط العضوية واستنهاض الفروع ونفخ روح الحياة والحماس لمناقشة أوراق المؤتمر وانتخاب المندوبين. لم يكن مفهوم ضمنا أبدا أن يتحول شعار التغيير ونقل القيادة للجيل القادم من شعار إلى قناعة طاغية عند مندوبي المؤتمر. لهذا نستطيع اعتبار المؤتمر ناجحا، بل وتاريخيا لمجرد انعقاده في الظروف التنظيمية المعقدة التي كان يمر بها التجمع، وتحوله بفضل الحملة الإعلامية المهنية المتميزة التي قامت بها الدائرة الإعلامية إلى حدث مركزي في حياة مجتمعنا، وكذلك لنجاحه في ترجمة شعار التغيير إلى واقع يضع التجمع عَلى أعتاب مرحلة جديدة، يكون فيها أقدر على مواجهة التحديات. 

التغيير والتجديد أمانة لا ولن نفرط بها...

التعليقات